responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 562
قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» ، وَاذْكُرْ لُوطًا أَوْ أَرْسَلَنَا لوطا بدلالة وَلَقَدْ أَرْسَلْنا [النمل: 45] عليه، و (إذ) بَدَلٌ عَلَى الْأَوَّلِ ظَرْفٌ عَلَى الثَّانِي.
أَمَّا قَوْلُهُ: أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ فَهُوَ عَلَى وَجْهِ التَّنْكِيرِ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ وَرُبَّمَا كَانَ التَّوْبِيخُ بِمِثْلِ هَذَا اللَّفْظِ أَبْلَغَ.
أَمَّا قَوْلُهُ: وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ فَفِيهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتَحَاشَوْنَ مِنْ إِظْهَارِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْخَلَاعَةِ وَلَا يَتَكَاتَمُونَ وَذَلِكَ أَحَدُ مَا لِأَجْلِهِ عَظُمَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مِنْهُمْ فَذَكَرَ فِي تَوْبِيخِهِ لَهُمْ ماله عَظُمَ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَثَانِيهَا: أَنَّ الْمُرَادَ بَصَرُ الْقَلْبِ أَيْ تَعْلَمُونَ أَنَّهَا فَاحِشَةٌ لَمْ تُسْبَقُوا إِلَيْهَا وَأَنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يَخْلُقِ الذَّكَرَ لِلذَّكَرِ فَهِيَ مُضَادَّةٌ للَّه فِي حِكْمَتِهِ وَثَالِثُهَا: تُبْصِرُونَ آثَارَ الْعُصَاةِ قَبْلَكُمْ وَمَا نَزَلَ بِهِمْ، فَإِنْ قُلْتَ فَسَّرْتَ (تُبْصِرُونَ) بِالْعِلْمِ وَبَعْدَهُ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ فَكَيْفَ يَكُونُونَ عُلَمَاءَ وَجُهَلَاءَ؟ قُلْتُ أَرَادَ تَفْعَلُونَ فِعْلَ الْجَاهِلِينَ بِأَنَّهَا فَاحِشَةٌ مَعَ عِلْمِكُمْ بِذَلِكَ أَوْ تَجْهَلُونَ الْعَاقِبَةَ أَوْ أَرَادَ بِالْجَهْلِ السَّفَاهَةَ وَالْمَجَانَةَ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ جَهْلَهُمْ بِأَنْ حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ أَجَابُوا عَنْ هَذَا الْكَلَامِ بِمَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لَهُ فَقَالَ: فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ فَجَعَلُوا الَّذِي لِأَجْلِهِ يُخْرَجُونَ أَنَّهُمْ يَتَطَهَّرُونَ مِنْ هَذَا الصَّنِيعِ الْفَاحِشِ وَهَذَا يُوجِبُ تَنْعِيمَهُمْ وَتَعْظِيمَهُمْ أَوْلَى لَكِنْ فِي الْمُفَسِّرِينَ مَنْ قَالَ: إنما قالوا ذلك عمى/ وَجْهِ الْهُزُءِ، ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ نَجَّاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ وَأَهْلَكَ الْبَاقِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ كل ذلك مشروحا واللَّه أعلم، وهاهنا آخِرُ الْقَصَصِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ واللَّه أَعْلَمُ.

[سورة النمل (27) : آية 59]
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59)

الْقَوْلُ فِي خِطَابِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنَ الْقَصَصِ وَالْمَعْنَى الْحَمْدُ للَّه عَلَى إِهْلَاكِهِمْ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى بِأَنْ أَرْسَلَهُمْ وَنَجَّاهُمُ الثَّانِي: أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ فَإِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ أَحْوَالَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَكَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْمُخَالِفِ لِمَنْ قَبْلَهُ فِي أَمْرِ الْعَذَابِ لِأَنَّ عَذَابَ الِاسْتِئْصَالِ مُرْتَفِعٌ عَنْ قَوْمِهِ، أَمَرَهُ تَعَالَى بِأَنْ يَشْكُرَ رَبَّهُ عَلَى مَا خَصَّهُ بِهَذِهِ النِّعَمِ، وَبِأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ الَّذِينَ صَبَرُوا عَلَى مَشَاقِّ الرسالة.
فأما قوله: آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ فَهُوَ تَبْكِيتٌ لِلْمُشْرِكِينَ وَتَهَكُّمٌ بِحَالِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ آثَرُوا عِبَادَةَ الْأَصْنَامِ عَلَى عِبَادَةِ اللَّه تَعَالَى، وَلَا يُؤْثِرُ عَاقِلٌ شَيْئًا عَلَى شَيْءٍ إِلَّا لِزِيَادَةِ خَيْرٍ وَمَنْفَعَةٍ، فَقِيلَ لَهُمْ هَذَا الْكَلَامُ تَنْبِيهًا عَلَى نِهَايَةِ ضَلَالِهِمْ وَجَهْلِهِمْ وَقُرِئَ يُشْرِكُونَ بِالْيَاءِ وَالتَّاءِ،
عَنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَهَا قَالَ: «بَلِ اللَّه خَيْرٌ وَأَبْقَى وَأَجَلُّ وَأَكْرَمُ» .

[سورة النمل (27) : آية 60]
أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ مَا كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60)
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَكَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي الرَّدِّ عَلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، وَمَدَارُ هَذَا الْفَصْلِ عَلَى بَيَانِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْخَالِقُ لِأُصُولِ النِّعَمِ وَفُرُوعِهَا، فَكَيْفَ تَحْسُنُ عِبَادَةُ مَا لَا مَنْفَعَةَ مِنْهُ الْبَتَّةَ، ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَكَرَ أَنْوَاعًا:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 562
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست